خلقنا الله مختلفين ومتفاوتين في الوضع المادي والاجتماعي، وذلك لاختبار عباده المسلمين، فمنها اختبار للمحتاج على صبره وثباته، واختبار للغني على عطائه، وكلنا مأجورون. لذلك، من واجب الفرد المسلم القادر المعاونة على إعطاء الفقراء والمساكين ما يلبي احتياجاتهم.

ويكمن فضل مساعدة الفقراء في أنها من أعظم القربات إلى الله تعالى، وهي من الأعمال التي حثَّ عليها الإسلام ودعا إليها، لما لها من أثر إيجابي على الفرد والمجتمع. ولأن الإسلام دين الرحمة والتكافل، جعل مساعدة المحتاجين سبيلاً لتزكية النفس وتطهيرها من الشح والبخل، كما أنها تعزز أواصر المحبة والتعاون في الأمة.

فضل مساعدة الفقراء في الإسلام

تعد مساعدة الفقراء والمحتاجين في الإسلام فريضة وواجب على القادرين. فقد جعل الله تعالى للفقراء حقاً في أموال الأغنياء، فقال تعالى: “وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ” (الذاريات: 19). كما أن الصدقة تُعدُّ من أعظم العبادات التي تقرب العبد من ربه، وتُكفِّر الذنوب، وتُطفئ غضب الله تعالى.

فضل مساعدة الفقراء لا يقتصر على الثواب الأخروي فحسب، بل يمتد إلى الدنيا أيضاً، حيث يجلب البركة في المال ويزيده، كما قال تعالى: “مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً” (البقرة: 245).

بعض الآيات والأحاديث عن ثواب قضاء حوائج الناس

لقد جاءت العديد من الآيات والأحاديث التي تحثُّ على قضاء حوائج الناس ومساعدة المحتاجين، وتوضح الثواب العظيم الذي ينتظر من يقوم بهذا العمل. قال تعالى: “وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ” (المائدة: 2). وفي الحديث النبوي الشريف: “من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته” (رواه البخاري).

كما أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أن مساعدة الآخرين وتفريج كربهم من أسباب تفريج الكربات في الدنيا والآخرة، فقال: “من نفَّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة” (رواه مسلم).

هذه النصوص تدل على أن مساعدة الفقراء والمساكين ليست مجرد عمل خيري، بل هي عبادة عظيمة تجلب رضا الله وتُدخل صاحبها الجنة.

تبرع للفقراء والمساكين

التبرع للفقراء والمساكين من أسهل الطرق لتقديم المساعدة، وهو عمل يُشعر المتبرع بالسعادة والرضا، كما أنه يُسهم في بناء مجتمع متكافل من خلال مساعدة كل محتاج.

وقد حثَّ الإسلام على التبرع حتى في أصعب الظروف، فقال تعالى: “وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا” (الإنسان: 8). هذه الآية تُظهر أن العطاء لا يتوقف عند حدِّ الغنى، بل يمكن أن يكون حتى في حالات الفقر والحاجة، لأن الله تعالى يجزي المتصدقين خير الجزاء.

كما يجب الحرص على تعليم قيمة مساعدة الفقراء للأطفال فهم جيل المستقبل، وفهمهم قيمة المساعدة يؤمن لنا مستقبلًا واعدًا ومجتمعًا متكاتفًا.

لا يقتصر التبرع على المال فقط، بل يمكن أن يكون بإطعام الطعام أو المساعدة بالعلاج، أو حتى بكسوة الملابس، حيث يمكنك تقديم ملابسك المستعملة والصالحة للارتداء إلى مبادرة عون الخيرية، حيث تتولى مهمة إيصالها إلى الجمعيات الخيرية المسؤولة عن توصيلها للمحتاجين.

جهود مبادرة عون الخيرية في رعاية الفقراء والمحتاجين

تعمل مبادرة عون الخيرية على جمع مختلف الملابس حيث تغطي 5 مناطق في المملكة للجمع، تواكب مبادرة عون سلوك المتبرعين من خلال استقبال طلبات التبرع إلكترونيًا ثم إرسال مندوب لاستلام الملابس المستعملة، وإيصالها للجمعيات الخيرية والتي بدورها توصل الملابس للمحتاجين.

سعت مبادرة عون لاستقبال أكثر من 200 ألف متبرع، وإيصالها لأكثر من 50 ألف مستفيد، ومازالت الجهود تتوالى حتى تحقق المبادرة أهدافها في رعاية الفقراء والمحتاجين.

خاتمة

مساعدة الفقراء والمساكين ليست مجرد عمل إنساني، بل هي عبادة تُقرِّب العبد من ربه، وتُسهم في بناء مجتمع متكافل ومتراحم. فمن خلال التبرع والعطاء، يمكننا أن نُخفف من معاناة المحتاجين، ونُسهم في إسعادهم، ونكسب رضا الله تعالى. فلنجعل من مساعدة الفقراء والمساكين جزءاً من حياتنا، ونستعد لشهر رمضان على وجه الخصوص من خلال مساعدة الفقراء في شهر رمضان، ولنقتدِ بما جاء في القرآن والسنة من توجيهات تُعلي من شأن هذه العبادة العظيمة.

مقالات مشابهة